يتعرض اللاجئون في لبنان للإقصاء في المجتمع المضيف. وقد بحث الوفدان الإسرائيلي والفلسطيني، خلال المفاوضات التي جرت بينهما في طابة في كانون الثاني/يناير،2001، باهتمام خاص، التفاصيل المحددة التي تتصل بتوطينهم والحاجة الملحة لإيجاد حل دائم لوضعهم. وبما أن الفلسطينيين في لبنان يبلورون الرهانات الجيوبوليتيكية على المستويين المناطقي والقومي، فإنهم يمثلون مجالاً بحثياً متميزاً يسمح لنا بإثارة العديد من الأسئلة التي تتناول العلاقة بين الدينامية السياسية-الاجتماعية الخاصة باللاجئين، وبين الفاعلين السياسيين ضمنهم، وبين المكان. كما وتؤدي حالات الهجرة الناتجة عن التغييرات العديد في المشهد السياسي اللبناني والشرق-أوسطي، إلى إفراد موقع خاص لهؤلاء اللاجئين ضمن الشتات.1 فمنذ خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، في ثمانينات القرن العشرين، بدأ الاهتمام بالفلسطينيين في لبنان يتلاشى بالتدريج. كما أدت الحرب الأهلية والاجتياحات الإسرائيلية المتتالية إلى وسم هذه المجموعة السكانية بوصمة لا تُمحى. وتُعتبر هذه المجموعة حالياً الأكثر فقراً وبؤساً في الشتات الفلسطيني. حالياً، يقيم أكثر من 50% من اللاجئين في لبنان داخل مخيمات مُعتَرف بها رسمياً. وتعتبر هذه النسبة العالية إحدى المؤشرات الدالة على الطبيعة غير المستقرة التي تميّز الوجود الفلسطيني في لبنان. فإلى جانب ظروفهم الاقتصادية-الاجتماعية البائسة، هناك أيضاً المعيقات القانونية التي تؤثر على الفلسطينيين وتنكر عليهم الكثير من الحقوق الأساسية، كإمكانية الوصول إلى قطاعات كبيرة من سوق العمل. والمفارقة، أن الفلسطينيين في لبنان كانوا ولعشر سنوات، 1969-1982، يتمتعون بحرية لم تمنحها أية دولة مضيفة للفلسطينيين، وقد مكَّنتهم هذه الحرية من ترك بصماتهم على أماكن معينة، كالمخيمات، ومن إجراء تحولات عميقة في بعض مناطق الجوار الحضرية. ونتيجة لحركة التحضير السريعة الجارية في دول الشرق الأوسط، أصبحت معظم المخيمات الفلسطينية تشكّل جزءاً من مدن كبرى عديدة في الدول والمناطق المضيفة